حين نظر الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني في عيون الحمالة هذا المساء كان في نظراته بعض الاعتزاز المشوب بالغبطة؛ اعتزاز من وفى بعهد قطعه قبل حوالي ست سنوات.
وحده الرئيس غزواني يستطيع إعادة النظر في عيون الحمالة لأن البريق الذي يلمع فيها، يخبره بأنه "صدق الوعد". التقى الرئيس الحمالة، وأزمة الثقة بينهم مع مجتمع الميناء منهارة، أو تكاد؛ التقاهم وهم يكادون ينخرطون في أتون الأزمة الاجتماعية التي كانت تضرب البلاد حينها.
الأزمة الاجتماعية التي تتداخل فيها أبعاد مزعجة كل واحد منها يشكل في حد ذاته وقودا كافيا لإشعال بلد.
كانت قضية الحمالة جمرة من نار الأزمة التي يتداخل فيها تراكم الغبن، ومخلفات الرق، وتداعيات عقود من التفاوت. وكانت قضية الحمالة عبارة عن تراكم من الخيبات هدّ الثقة بين الحمالة ومشغليهم، وأعدم الثقة في الدولة بوصفها ضامنا للحقوق. لقد جاءهم والإضرابات تشل عصب الاقتصاد الوطني، ميناء الصداقة، وشظايا حريق المشكلة تتطاير في مختلف الاتجاهات.
وبكلمة واحدة؛ نعم؛ بكلمة من الرئيس غزواني استعاد الحمالة الثقة في دولتهم، وحين أتبع الكلمة بفعل امتد ست سنوات، لمع البريق في عيون الحمالة مساء السابع عشر من رمضان 2025.
حصلوا على التأمين الصحي، والضمان الاجتماعي، وبدأ تدريبهم ليعودوا بإنتاجية أكبر وجهد أقل، وزيدت مداخيلهم بزيادة سعر التفريغ، حتى بات واحداً من أكثر الأسعار ارتفاعاً في المنطقة (أكثر بحوالي الضعف من المغرب والسنغال.. ) وصاروا يطمحون إلى القطع الأرضية،،، نعم، أليس من حقهم أن يطمحوا وقد سمعوا التقدير من أعلى سلطة في بلادهم، وسمعوا تعبيره عن الامتنان لجهدهم في اقتصاد الوطن! بلى من حقهم.
الاقتناص الذكي للحظة هو ما عبر عنه ممثل الحمالة حين توقف عند دلالة اشتراك الحمالة ورئيس الجمهورية في بساط فطور على ماء وتمر، وعافية وطن. لقد كان ذكيا حين عاد أكثر من مرة لهذا المعنى، وكاد الحياء يخنق صوته حين التعبير عن المطلب الوحيد المتبقي للحمالة! أحقا عباد الله لم يبق لهم إلا مطلب واحد؟! هل تسمعون؟
لقد فعلها الرئيس غزواني خمس مرات؛
مرة حين انغمس في غمار مجموعات من العمال الشرفاء، مقاسما إياهم ماء الحياة وتمر الوطن، وفطور السكينة. وهو فعل لم يسبق إليه، لم يفعلها رئيس قبل غزواني.
ومرة حين لبى مطالبهم، وأنجز لهم الوعد، وجعلهم يعانقون أملهم في وطن كان يأكل شبابهم ويرميهم عجزة مقطعي الأوصال.
ومرة حين تجرأ على عرين الحمالة؛ واثقا في أن العدالة التي تعامل بها مع مطالبهم، والإنصاف الذي خولهم به كل حقوقهم سيحمي سكينة الملتقى من أن ينغصها تصرف فردي طائش، لقد أمن الغدر لأنه جسد الوفاء، وضمن السكينة لأنه أدخلها في نفوسهم، ومد لهم أملا لمستقبل كانوا يفتقدون الثقة فيه.
ومرة حين آمن بحق هؤلاء في العيش الكريم، وحين آمن أن توفير ذلك العيش والسعي في تأبيده من واجبات الدولة، وأنه المسؤول عن ذلك في فترة رئاسته، وحين قرر أن يجسد هذا الإيمان في قرارات يجد الحمالون أثرها في نفوسهم؛ بناء للثقة، واعتقادا بصدق الوعد، وإيمانا بالوطن، قبل أن يجدوا أثرها في جيوبهم، ومستشفيات وطنهم، ودراسة أبنائهم.. لقد عاشوا هذه القرارات، وتذوقوا حصادها، فترقرقت دموع الامتنان في عيونهم، وهم يصافحون اليد التي امتدّت إليهم بصدق، وحيتهم بحرارة، ومسحت آثار الجروح من نفوسهم.
ومرة خامسة حين وجد الوقت ليعيش معهم ليلة من هذا الموسم الفضيل؛ لقد جاءهم من عند جنود مرابطين على ثغر من ثغور الوطن، ليخبرهم بلسان الحال أنهم في رباط مقدس على ثغر الاقتصاد ومعاش الناس، وتزويد الأسواق التي ضرب فيها الاستقرار أطناب الوفرة، وأوتاد الرخص.. وليقول من ورائهم للوطن وللمواطن أن رئيسا يتنقل بين البسطاء من أبناء شعبه في هذه المواسم وبهذه البساطة، ودون أبهة مصطنعة، أو احتراز يبعث على الشكوك، لهو رئيس يعلن على الملأ مبادلته شعبه ثقة بثقة..
إنه رئيس لا يخلف وعده، وفى فأيقن بالوفاء.