التيار (نواكشوط) ـ قال وزير الاقتصاد والمالية، سيد أحمد ولد أبوه، إن التمويلات الدولية يجب أن تراعي السياسات والأولويات التنموية للدول، وألا تكون مفروضة من طرف الممولين، داعيا إلى تعزيز القدرة الجماعية على تعبئة وتأمين الاستثمارات المستدامة القادرة على تحويل الاقتصادات الأفريقية بشكل هيكلي.
جاء ذلك خلال مداخلة قدمها الوزير، في مدينة إشبيلية الإسبانية، بصفته متحدثا رئيسيا في جلسة حوار رفيعة المستوى بعنوان "نحو الاستثمار والتنمية المستدامة في أفريقيا"، نظمت على هامش المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية (FFD4).
وسلط الوزير في عرضه الضوء على الفرص الاستثمارية الكبيرة التي تزخر بها القارة الأفريقية، معتبرا أنها "قارة الفرص" لما تمتلكه من ثروات طبيعية، ورأسمال بشري شاب، وإمكانات نمو هائلة.
واستعرض تجربة موريتانيا في مجال الإصلاحات الاقتصادية والمؤسسية ضمن استراتيجية النمو المتسارع والرفاه المشترك، مشيرا إلى التقدم المحرز في استعادة الاستقرار الاقتصادي الكلي، وتحديث إدارة المالية العامة، والاستثمار في قطاعات واعدة كالصيد المستدام، والزراعة المقاومة للتغيرات المناخية، والطاقة المتجددة، والتعدين عالي القيمة المضافة.
وأبرز الوزير المشاريع الهيكلية التي أطلقتها موريتانيا في مجال الهيدروجين الأخضر، مؤكدا سعيها لأن تكون فاعلا ناشئا في التحول الطاقوي على مستوى القارة.
وأوضح أن الحكومة تعمل على تحسين مناخ الأعمال من خلال تعزيز الشفافية وكفاءة الإدارة والضمانات القانونية للاستثمار.
وشدد ولد أبوه على أهمية التكامل الإقليمي عبر منطقة التجارة الحرة القارية، وإنشاء سلاسل قيمة أفريقية كثيفة العمالة، وتحسين الحكامة والشفافية.
وأضاف أن الاستثمار في أفريقيا يجب أن ينظر إليه كرافعة للفرص والاستقرار لا كمصدر للمخاطر، مؤكدًا أن القارة تمتلك الطموح والإمكانات، لكنها بحاجة إلى الثقة والتمويل المناسب وشراكات تقوم على الاحترام المتبادل والتضامن الفعال.
ودعا الوزير إلى زيادة الدعم الثنائي ومتعدد الأطراف لمشاريع البنية التحتية المستدامة، وتوفير أدوات ضمان وتقاسم للمخاطر من أجل تحفيز القطاع الخاص، مع دعم إصلاح النظام المالي العالمي، لاسيما من خلال إعادة تخصيص حقوق السحب الخاصة لصالح البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط.
وأكد الوزير أن أفريقيا مستعدة للشراكة، لكن بشروطها وأولوياتها، في رسالة تعكس تطلعات القارة للعب دور فاعل في المشهد الاقتصادي العالمي.
وقد شارك في هذه الجلسة إلى جانب الوزير الموريتاني كل من وزير الاقتصاد الإسباني، ووزير الاقتصاد السنغالي، ورئيسة البنك الأوروبي للبنى التحتية، ونائب رئيس مؤسسة التمويل الدولية لأوروبا، كما حضرها سفير موريتانيا الدائم لدى الأمم المتحدة، سيدي محمد لغظف.