تتناقل الصفحات وبعض المواقع منذ بضعة أيام أخبار آثار عثر عليها في أعمال تنقيب في الحوض الشرقي، ونشرت صور قد يستشف منها أنها آثار تعود لإمبراطورية غانا وفيها درهم، يشبه إلى حد كبير جدا الدراهم الإدريسية، المسكوكة في القرن الثاني الهجري، وهذا أثر نفيس. وهو ما يحتم على السلطات المختصة المبادرة لأخذ زمام الأمور وكفّ يد الناس عن العبث بتراث البلد، مع ضرورة مراعاة حقوق صاحب الركاز، فلا ضرر ولا ضرار. وإن كان الاستحسان قد يقتضي في نظر بعض النظار أن ندع بين الناس وبين ما عثروا عليه لأن كثيرا من الآثار النفيسة بعد أن وضعت عليها الدولة يدها، استولى عليها بعض النافذين، كما وقع مع بعض الدنانير المرابطية، فاللهم صاحبها الذي عثر عليها هو أحق بها، فحيثما عدمت المصلحة العامة، رُوعيت المصلحة الخاصة.
وعلى ذكر هذه الآثار أنقل هنا طريفة من المكتبة العمرية، فقد وجدت فيها وثيقة قديمة ، بخط سوداني ، تتعلق بتاريخ كمبي صالح وفيها : (أخبرني الشريف عثمان بن الطاهر بحضرة شيخي الطالب محمود بن عمر ادوعيشي وهما غير كذوبين وتابعهما عبد الله بن عبد الدايم المهاجري قالوا جميعا أخبرنا الولي المكاشف سيدي محمد بن الحاج بردَّ العلوشي عن شيخه الجني {} سننفور رضي الله عنه ونفعنا به أن في هذه الخربة (كمبي صالح) سريرٌ من ذهب وقع عليه السقف، وهو ثَمَّ إلى الآن، وبيّن {الجني} للوليِّ مكانَه ولم يلتفت إليه الوليُّ زهدا عن فاني هذه الدنيا واشتغالا بباقي دار القرار... ومما أخبره أن الجن لم يتملكوا ذاك السرير بعد والله تعالى أعلم).
ومما يذكر في الكتب أن سننفور هذا من جن نصيبين:
وبعدما أكمل خمسين سنه ... جن نصيبين أتته مذعنه
وهي القصة المذكورة في قوله تعالى : {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ}
وأما الأعلام الواردة أسماؤهم فهم من أجل النصف الثاني من القرن الثامن عشر، فالولي الصالح سيدي محمد توفي سنة 1774، وفيه يقول الناصري في الحسوة: وبيت سيد محمد هذا من أجلِّ بيوت الزواية وأعظمهم قدرا وسيادة في أرضنا قبل تغُّير الأزمان وكثرة الفساد في هذه البلاد والأوطان,
وأما الطالب محمود فالظاهر أنه والد العلامة احميتي وكان من أهل العلم وتوفي سنة 1787.
فلا ندري هل استولت الجن على هذا السرير في هذين القرنين بعد وفاة هؤلاء الأعلام، أم استولى عليه الإنس، فقد اتهم كثير من المنقبين زمن المستعمر أنهم كانوا يستولون على ما يجدون.
الدرهم الإدريسي وسرير كمبي صالح الذهبي

محجوب ولد بيّه