التيار (نواكشوط) ـ قال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والموريتانيين في الخارج، محمد سالم ولد مرزوك، إن موريتانيا، بقيادة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، ملتزمة بشكل راسخ بالعمل مع جميع الشركاء من أجل بناء مستقبل بحري آمن ومستدام، يراعي مصالح الأجيال الحالية ويصون حقوق الأجيال القادمة.
جاء ذلك خلال مشاركته، ممثلا لرئيس الجمهورية، في الدورة الثالثة لمؤتمر الأمم المتحدة لحماية المحيطات، المنعقد بمدينة نيس الفرنسية.
وأوضح أن موريتانيا، بفضل موقعها الجغرافي وامتدادها الساحلي على المحيط الأطلسي، تدرك تماما الأهمية الاستراتيجية للمحيطات، التي تتجاوز كونها موردا طبيعيا لتصبح ركيزة أساسية للتنمية البيئية والاجتماعية والاقتصادية.
وأشار إلى أن الشريط الساحلي الموريتاني يحتضن واحدا من أغنى الأنظمة البيئية البحرية في غرب إفريقيا، حيث أولت الحكومة اهتماما خاصا بإنشاء مناطق بحرية محمية وإدارتها بشكل مستدام للحفاظ على هذا التراث الطبيعي.
ومع ذلك، تواجه موريتانيا، مثلها مثل العديد من الدول الساحلية، تحديات متزايدة جراء تغير المناخ، من بينها الارتفاع التدريجي لمستوى سطح البحر، والاستغلال المفرط للموارد السمكية، وتحمض المحيطات، وتدهور النظم البيئية، بالإضافة إلى تآكل السواحل.
وأوضح أن هذه الظواهر لا تهدد فقط النظم الطبيعية، بل تؤثر كذلك على سبل عيش السكان، وتضع الأمن الغذائي في خطر، وتضعف قدرة المجتمع على الصمود أمام الكوارث البيئية.
وللحد من هذه التأثيرات، تبنت موريتانيا سياسة متكاملة لإدارة المناطق الساحلية، ترتكز على تعزيز أدوات الحوكمة البحرية، وتوسيع نطاق الحماية البيئية، وتقوية القدرات الوطنية في مجالات الرقابة والتفتيش ومكافحة التلوث البحري.
وتعتمد هذه السياسة على مقاربة مزدوجة تجمع بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة البحرية، متوافقة مع أهداف التنمية المستدامة، وعلى رأسها الهدف الرابع عشر.
وأوضح الوزير أن موريتانيا صادقت، في 26 مايو الماضي، على اتفاقية التنوع البيولوجي في أعالي البحار، كما أتمت التصديق على البروتوكول الإضافي لاتفاقية أبيدجان الخاصة بالمعايير البيئية في استكشاف واستغلال الموارد الهيدروكربونية البحرية، وتعمل حاليًا على إكمال إجراءات التصديق على البروتوكولات المتبقية.
وأكد أن الاقتصاد الأزرق يمثل أفقا واعدا لتحقيق تنمية مستدامة عادلة وشاملة، لكنه يتطلب إدارة رشيدة وشفافة للموارد البحرية، وتمويلات عادلة وفعالة، وشراكات حقيقية لحماية النظم البيئية، إضافة إلى إتاحة عادلة للتكنولوجيا والمعرفة والابتكار ضمن إطار تعاون دولي منفتح وشامل.
وأشار إلى أن التحذيرات بشأن التدهور السريع للبيئة البحرية تتزايد منذ مؤتمر لشبونة قبل ثلاث سنوات، وأن آثار تغير المناخ على المحيطات أصبحت أكثر وضوحا وحدة، مما يعزز ضرورة وضع حماية المحيطات في صلب الأولويات العالمية.
وشدد على وجود تحديات مصيرية تتطلب التزامات طموحة وإجراءات عملية في ثلاثة محاور رئيسية: بيئيا، عبر تسريع ابتكار حلول مستدامة لحماية السواحل والنظم البيئية البحرية؛ اقتصاديا، من خلال اعتماد نماذج بحرية مسؤولة في الصيد والطاقة الزرقاء؛ وعلميا، بدعم البحث وتبادل المعرفة لتعزيز فهم المحيط وتغيراته.
وأكد الوزير على أن تحقيق التقدم في هذه المجالات رهين بإرادة سياسية صادقة وتعاون دولي واسع، يشمل تحديث الأطر القانونية وتفعيلها، مع إشراك جميع الفاعلين، خاصة الأوساط العلمية والمجتمع المدني، لبناء شراكات شاملة قادرة على مواجهة التحديات بروح من التضامن والمسؤولية المشتركة.