بدلا من الاستفادة من الدروس وأخذ العبر من الأحداث وآخرها ما حدث في السنغال من تعنيف له ومضايقة والانخراط في الإجماع الوطني الذي أرسى أسسه فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني يصر النائب بيرام الداه اعبيد على المضي في نفس الخطاب التصادمي الذي يختار التصعيد بدل التهدئة ويحيل الحديث في القضايا الوطنية الى لغة الاتهام بدل الانخراط في البناء والتفاهم.
فمن غير الموضوعي ان يتجاهل النائب بيرام ما تحقق في السنوات الأخيرة على صعيد الانفتاح السياسي وتعزيز الحريات ومحاربة الهشاشة ومحاصرة رواسب العبودية ومخلفاتها وهي مكاسب لا يمكن إنكارها ومن الإنصاف الاعتراف بها مهما اختلفت المواقع السياسية.
وبخصوص حديثه عن موضوع الحوار الوطني فالحوار ليس معركة لكسر العظم ولا مناسبة لتسجيل النقاط بل فرصة لتلاقي الموريتانيين حول ما يجمعهم. ومن يرد المشاركة فيه فالأجدر أن يسهم بإيجابية في مساراته لا أن يملي شروطا وكأن على الدولة أن تسلم مفاتيح القرار له.
أما عن استدعائه لملف ضحايا كيهيدي في هذا الظرف بالذات فهو أمر مؤسف وإعادة فتحه في هذا التوقيت لا يخدم لا الحوار ولا الانسجام بل يعمق الشروخ بدل أن يداويها ويفقد النقاش صدقيته.
ومن يعرف مدينة كيهيدي العريقة وتاريخها الوطني يدرك جيدا أن أبناء كيهيدي تجاوزوا تلك الصفحة بروح وطنية عالية وفضلوا المضي قدما في دعم برنامج فخامة رئيس الجمهورية طموحي للوطن القائم على بناء اللحمة الوطنية والحرص على الاستقرار ورفضوا الزج بهم في معارك سياسية آنية واستغلالهم وقودا لطموحات سياسية شخصية.
أما عن بقية الطرح الذي قدمه النائب فواقع البلد اليوم لا يحتاج إلى من يبالغ في توصيفه بل إلى من يعترف بالمكاسب ويتعامل مع النواقص بمسؤولية. فقد شهدنا في السنوات الأخيرة خطوات مهمة في تعزيز الحريات وتوسيع دائرة الإنصاف الاجتماعي ومحاربة التهميش بكل أشكاله، وهي سياسات انطلقت بإرادة صادقة في عهد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، ويجري تطويرها بهدوء وثبات.
البلاد تحتاج اليوم إلى خطاب يجمع لا يفرق، يهدئ لا يوتر، ويقترح لا يملي، وهذا ما نأمله من الجميع مهما كانت مواقفهم.