التيار (نواكشوط) - قال وزير الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان، الحسين ولد مدو، إن الثقافة ليست مجرد استذكار للماضي، بل قوة محركة للحاضر والمستقبل، تربط الإنسان بهويته وتاريخه، وتفتح أمامه آفاقا واسعة للتقدم الاقتصادي والاجتماعي، مؤكدا على أهميتها في تحقيق التنمية المستدامة.
جاء ذلك خلال خطاب ألقاه الوزير، اليوم الخميس، في المؤتمر الثالث عشر لوزراء الثقافة في العالم الإسلامي، المنعقد بمدينة جدة، حيث شدد على أن العلاقة بين الثقافة والتنمية، بشقيها الاقتصادي والاجتماعي، تشكل عنصرًا أساسيًا في بناء المجتمعات، إذ باتت الصناعات الثقافية والإبداعية من أسرع القطاعات نموًا عالميًا، وتساهم بشكل مباشر في خلق فرص العمل وتعزيز الاقتصاد.
وأشار ولد مدو إلى أن رئيس الجمهورية، محمد ولد الشيخ الغزواني، بصفته الرئيس الدوري للاتحاد الإفريقي، حمل صوت القارة وحقها في الإنصاف وصون تراثها الثقافي إلى المحافل الدولية، حيث باتت القمم الكبرى، مثل "بريكس" و"مجموعة السبع" و"مجموعة العشرين"، تولي اهتمامًا متزايدًا لحماية التراث الإفريقي وتعزيز الصناعات الإبداعية في القارة، كما ظهر ذلك جليًا في اجتماعات وزراء الثقافة في نابولي والسلفادور، حيث خُصصت ورشات لدعم التراث الإفريقي في مواجهة التحديات المناخية والأمنية.
وعلى المستوى الوطني، أوضح وزير الثقافة أن رئيس الجمهورية أسس لمقاربة ثقافية متكاملة أثمرت إطلاق عدة مبادرات لتعزيز الصناعات الثقافية، من بينها إنشاء معهد للفنون، وإطلاق جائزة رئيس الجمهورية للفنون الجميلة، فضلًا عن تطوير الإطار القانوني للفنانين، والشروع في بناء قصر للثقافة، وإنشاء متاحف متخصصة، وتطوير فضاءات ثقافية تتيح للمبدعين التعبير عن أنفسهم. كما شهدت هذه المرحلة تسجيل العديد من العناصر التراثية الوطنية ضمن لائحة التراث الإسلامي والدولي، مثل المحظرة وصمب جالاديو، إلى جانب إطلاق البحث الأثري في موقع آزويكي.
وأضاف ولد مدو أن هذه الجهود انعكست في النسخة الثالثة عشرة من مهرجان "مدائن التراث"، التي احتضنتها مدينة شنقيط في ديسمبر 2024، بحضور شخصيات ثقافية دولية، حيث مثلت هذه النسخة استعادة لروح العلم والفكر، وأبرزت دور شنقيط التاريخي كمنارة علمية ساهم علماؤها في نشر المعرفة في العالمين العربي والإسلامي.
وفي ختام كلمته، دعا وزير الثقافة منظمة "الإيسيسكو" والمملكة العربية السعودية، بصفتها رئيسة الدورة الحالية، إلى استثمار التراث الإسلامي الغني وتعزيز التعاون الثقافي بين الدول الإسلامية عبر بناء شراكات استراتيجية وتنظيم مشاريع ثقافية تبرز الكنوز الحضارية التي تزخر بها دول العالم الإسلامي. كما جدد موقف موريتانيا المتضامن مع المملكة العربية السعودية في مواجهة التصريحات غير المسؤولة التي استهدفتها على خلفية دعمها لمبادرات السلام الهادفة إلى ضمان حقوق الشعب الفلسطيني في الاستقلال والحرية.