- التفاصيل
مثل قرار الفريق محمد إدريس ديبي إنهاء اتفاقية الدفاع المشترك مع فرنسا وسحب القوات الفرنسية من تشاد، نقطة تحول محورية في السياسة الخارجية التشادية، وعكس تغيرًا ملحوظًا في العلاقات بين نجامينا وباريس.
هذا القرار يتزامن مع أجواء إقليمية مضطربة وتصاعد موجة التوترات بين الدول الإفريقية والقوى الاستعمارية السابقة، مما يجعله خطوة ذات أبعاد سياسية واستراتيجية معقدة.
تحولات في العلاقات مع فرنسا..
منذ استقلالها، اعتمدت تشاد بشكل كبير على الدعم الفرنسي، لا سيما في المجالين العسكري والأمني.
فرنسا، التي يعتبرها بعص المراقبين الضامن التقليدي لاستقرار النظام التشادي، لعبت دورًا حاسمًا في وصول الرئيس السابق إدريس ديبي إلى السلطة عام 1990 ودعمه على مدار عقود، ومع ذلك، بدأت الأصوات المعارضة داخل تشاد تصف هذا الدعم بالتدخل السافر، مما غذّى مشاعر القومية والمطالبة بالاستقلالية.
إنهاء الاتفاقية وسحب القوات الفرنسية جاءا في سياق تصاعد هذه المطالب المحلية، ويبدو أن الفريق محمد إدريس ديبي يسعى لإعادة صياغة علاقة بلاده بفرنسا بما يخدم تعزيز السيادة الوطنية.
التقارب مع روسيا وشركاء جدد..
التحركات التشادية الأخيرة تظهر اهتمامًا واضحًا ببناء شراكات جديدة، أبرزها مع روسيا، التي أصبحت لاعبًا رئيسيًا في إفريقيا من خلال علاقات عسكرية واقتصادية متنامية.
هذا التقارب يرى بعض المراقبين أنها تعكس رغبة تشاد في تنويع تحالفاتها الدولية بعيدًا عن النفوذ الفرنسي التقليدي، وربما يأتي كرد فعل على التوترات المتصاعدة بين باريس ونجامينا.
العديد من المراقبين يربطون هذا القرار بالتغيرات التي شهدتها إفريقيا مؤخرًا، حيث تسعى دول عدة إلى تقليل الاعتماد على فرنسا والانفتاح على قوى مثل روسيا والصين.
دلالة التوقيت والرمزية..
يرى بعض المتابعين للشأن التشادي، أن اختيار تاريخ قريب من فاتح ديسمبر، الذي يصادف ذكرى تسلم والده إدريس ديبي السلطة عام 1990 بدعم فرنسي، يحمل رمزية قوية.
فالقرار بالنسبة لهؤلاء يعكس رغبة الجنرال ديبي في إرسال رسالة واضحة مفادها أن تشاد تحت قيادته تتجه نحو نهج جديد في العلاقات الخارجية يركز على السيادة والابتعاد عن سياسات والده التي اعتمدت بشكل كبير على فرنسا.
التبعات الإقليمية والدولية..
هذا القرار يطرح تساؤلات حول انعكاساته على المشهد الإقليمي والدولي، فمن ناحية، قد تؤدي إعادة التموضع الاستراتيجي لتشاد إلى تغير ديناميكيات التحالفات الإقليمية في منطقة الساحل، حيث تعد باريس شريكًا رئيسيًا في مكافحة الإرهاب.
ومن ناحية أخرى، يثير تقارب تشاد مع روسيا قلق الدول الغربية، التي ترى في هذا التقارب امتدادًا لنفوذ موسكو المتزايد في القارة.
هل يكرر الجنرال ديبي مصير والده..؟
لا يمكن في مثل هذه الوضعية تجاهل الحديث المتداول حول مقتل إدريس ديبي، الذي يزعم البعض أنه كان نتيجة لمعارضته النفوذ الفرنسي وتوجهه نحو شركاء جدد مثل روسيا.
وإذا صحت هذه المزاعم، فإن قرار الفريق محمد إدريس ديبي قد يكون محفوفًا بالمخاطر، لا سيما أنه يواجه تحديات داخلية كبيرة مثل ضعف الاستقرار الأمني والضغوط الاقتصادية.
يمثل قرار الفريق ديبي بالنسبة لكثير من المراقبين تحولًا كبيرًا في السياسة التشادية يعكس طموحًا لتعزيز الاستقلالية الوطنية والانفتاح على شركاء جدد.
ومع ذلك، فإن هذا التحول يأتي في وقت حساس، حيث يواجه تحديات داخلية وإقليمية كبيرة، مما يجعل نجاح هذا التوجه الجديد مرهونًا بقدرته على تحقيق توازن بين السيادة الوطنية ومتطلبات الاستقرار الداخلي.